البديوي: ترسيخ التكامل الاقتصادي الخليجي لتحقيق التنمية
الكويت استضافت الاجتماع الـ 123 للجنة التعاون المالي والاقتصادي لدول مجلس التعاون
استضافت الكويت الاجتماع الـ 123 للجنة التعاون المالي والاقتصادي لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربي، اليوم، بهدف تعزيز الالتزام المشترك بتحقيق التكامل الاقتصادي بين دول المجلس بحلول عام 2025. ترأست الاجتماع، وزيرة المالية وزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار م. نورة الفصام، وبحضور جاسم البديوي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربي، إلى جانب وزراء المالية والاقتصاد في الدول الأعضاء. وأقر الوزراء التوصيات الصادرة عن الاجتماع التحضيري الثالث والسبعين لوكلاء وزارات المالية، التي ركَّزت على استكمال متطلبات الاتحاد الجمركي الخليجي، من خلال نقطة دخول واحدة، وتعزيز السوق الخليجية المشتركة، وتسهيل حركة التجارة وانتقال الأيدي العاملة، إلى جانب دفع مفاوضات الاتفاقيات التجارية مع شركاء دوليين. وتمثل هذه المبادرات خطوة أساسية نحو بناء بيئة اقتصادية متكاملة تدعم التنافسية والمرونة والازدهار المشترك. التعاون الإقليمي في هذا الإطار، شهد الاجتماع توقيع اتفاقيتين ثنائيتين تهدفان إلى دعم مسار التعاون المالي الإقليمي، وتعزيز التكامل الاقتصادي بين الدول الأعضاء: الاتفاقية الأولى كانت مذكرة تفاهم للتعاون المالي بين الكويت والسعودية، وقَّعتها وزيرة المالية الكويتية نورة الفصام، والوزير السعودي محمد الجدعان. وتوفر المذكرة إطاراً للتنسيق في القضايا المالية على المستويين الإقليمي والدولي، وتشمل مجالات تطوير السياسات المالية والتشريعات والأنظمة، بما يحقق المصالح المشتركة للبلدين. الفصام: دول مجلس التعاون الخليجي تؤدي دوراً في رسم ملامح المرحلة المقبلة من التنمية الإقليمية والاتفاقية الثانية نهائية لتجنب الازدواج الضريبي، ومنع التهرب الضريبي على الدخل ورأس المال بين الكويت وقطر. وقَّعت الاتفاقية الفصام ونظيرها القطري الوزير علي الكواري، حيث تهدف إلى تسهيل الاستثمارات، وتعزيز تدفق رؤوس الأموال بين البلدين، إلى جانب توحيد التوجهات في السياسات الضريبية. وتشمل الاتفاقية إعفاءات وتخفيضات ضريبية على الأرباح والفوائد والاتاوات، وتمنح معاملة تفضيلية للجهات الاستثمارية الحكومية. كما تنص على آليات للتسوية المتبادلة للنزاعات الضريبية المستقبلية بين البلدين. تنسيق السياسات في هذا السياق، شدّد الوزراء خلال الاجتماع على أهمية توحيد المواقف وتنسيق السياسات الاقتصادية، مؤكدين أن مرور 44 عاماً على تأسيس مجلس التعاون يستدعي البناء على ما تحقق ومواصلة دفع مسيرة التكامل الاقتصادي، بما يسهم في تعزيز مرونة الاقتصاد الخليجي في مواجهة المتغيرات الدولية المتسارعة. وأكدوا أن من أبرز التحديات الحالية قرارات الإدارة الأميركية بشأن رفع الرسوم الجمركية على دول العالم، وهو ما يتطلب من دول مجلس التعاون دراسة معمَّقة، وتنسيقاً مشتركاً لحماية مصالحها الاقتصادية. وأشاد الوزراء بنتائج القمة الخليجية– الآسيوية التي عُقدت الأسبوع الماضي، حيث أطلقت مفاوضات اتفاقية التجارة الحُرة مع ماليزيا، معتبرين هذه الخطوة مثالاً عملياً على سعي مجلس التعاون لتوسيع شراكاته الاقتصادية، وتأكيد حضوره كمجموعة تفاوضية موحدة في النظام التجاري العالمي. كذلك تم التأكيد على أن الوصول إلى أسواق جديدة وتهيئة بيئة أعمال محفزة للاستثمار يُعدان من أولويات المرحلة المقبلة، في ظل التنافس العالمي المتزايد وتغيُّر توجهات الاقتصاد. وأشاروا إلى أن قدرة مجلس التعاون على تعزيز الاستقرار الإقليمي، من خلال التنسيق الدبلوماسي، تظل عاملاً محورياً في دعم قوته الاقتصادية، حيث تعتمد ثقة المستثمرين، والمشاريع المشتركة، والتخطيط الاقتصادي طويل الأمد، على وجود بيئة مستقرة وآمنة في المنطقة. وفي ختام الاجتماع، أكدت الفصام دور دول الخليج في رسم ملامح المرحلة المقبلة من التنمية الإقليمية، قائلة: «التكامل الاقتصادي اليوم لم يعد يقتصر على الحدود والتجارة، بل بات يرتبط بشكل وثيق بكيفية تعامل الدول الأعضاء مع التحديات والفرص المشتركة، مثل: الطاقة، والتقنيات الناشئة، والاستقرار الجيوسياسي. ويعكس هذا الاجتماع إجماعاً خليجياً واضحاً: نحن لا نُدير التكامل فقط، بل نُعيد تشكيله. فبعد أربعة وأربعين عاماً، يُعد مجلس التعاون اليوم مثالاً حياً على التعاون الإقليمي الفاعل القائم على المرونة الاقتصادية، والنمو المستدام، والحضور العالمي المؤثر». على صعيد متصل، أكدت الوزيرة أن «التحديات الاقتصادية الجسيمة التي يمر بها العالم حالياً، بدءاً من التوترات الجيوسياسية، وصولاً إلى التقلبات في أسواق الطاقة والغذاء تحتم علينا الوقوف صفاً واحداً، وبذل المزيد من الجهد لتعزيز العمل الخليجي المشترك، من أجل مواجهتها بكل فاعلية، وإيجاد الحلول المناسبة». وأوضحت الوزيرة خلال كلمتها في الاجتماع الـ 123 للجنة التعاون المالي والاقتصادي لدول مجلس التعاون، اليوم، أن «الظروف العالمية بالغة التعقيد باتت تُلقي بظلالها على الاقتصاد العالمي، مهددة تنمية شعوبنا ورخاءها، الأمر الذي يتطلب منا تسريع وتيرة عملنا الهادف إلى تحقيق التكامل الاقتصادي الخليجي، من خلال توحيد السياسات، وتنويع مصادر الدخل غير التقليدية، وتسهيل حركة التجارة والاستثمار، ودعم الصناعات المحلية، وتوسيع قواعد الابتكار وريادة الأعمال، خصوصاً في المجالات المستحدثة، مثل مجالات الذكاء الاصطناعي لتعزيز تنافسية اقتصاد بلداننا على الساحتين الإقليمية والدولية». ولفتت الفصام إلى أنه «يقع على عاتقنا جميعاً مسؤوليات كبيرة لترجمة توجهات قادتنا، وتحويل الطموحات إلى واقع ملموس، من خلال حشد الطاقات والإمكانيات لتحقيق الأهداف، وإقامة تكتل اقتصادي خليجي قوي ومتين قادر على الوقوف أمام جميع التحديات الاقتصادية والتعاون معها بمرونة وكفاءة». وأشارت إلى أن المواضيع المطروحة في اللجنة تمثل فرصة ثمينة للخروج بأفكار وتوصيات تدعم الجهود الرامية لدفع مسيرة العمل الخليجي، وتحقيق التطلعات لقادة دول مجلس التعاون، وتحقيق المزيد من التكامل والترابط بين الدول. وذكرت أن الاجتماع يتطلب اتخاذ بعض القرارات التي تدعم تعزيز العمل الخليجي المشترك، منها: - استكمال متطلبات قيام الاتحاد الجمركي بنهاية 2025 وفقاً لقرار المجلس الأعلى في دورته الـ 45. - تعديل الحد الأدنى للرسم النوعي على التبغ ومشتاقته في التعرفة الجمركية الموحدة. - اعتماد وثيقة آلية تطبيق معايير المنتج الوطني الخليجي. - تقليص قائمة المهن والأنشطة غير المسموح بمزاولتها من قِبل مواطني مجلس التعاون. إطلاق حملة «كل الخليج وطن» أطلقت الأمانة العامة لمجلس التعاون حملة إعلامية بعنوان «كل الخليج وطن»، بهدف رفع مستوى الوعي، بما يتمتع به مواطنو دول المجلس من مكتسبات وحقوق اقتصادية واجتماعية متساوية في كل الدول الأعضاء، في إطار السوق الخليجية المشتركة. وجاء إعلان الحملة خلال الاجتماع الـ 123 للجنة التعاون المالي والاقتصادي، برئاسة وزيرة المالية وزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار بالكويت م. نورة الفصام، وبحضور جاسم البديوي الأمين العام لمجلس التعاون، إلى جانب وزراء المالية والاقتصاد في الدول الأعضاء. وفي هذا السياق، صرَّحت الفصام: «تعكس هذه الحملة التزام دول مجلس التعاون بتجسيد مفهوم المواطنة الخليجية على أرض الواقع، وضمان استفادة المواطن الخليجي من جميع الفرص والمزايا الاقتصادية والاجتماعية دون استثناء. ما نشهده اليوم هو تقدُّم فعلي في مسار التكامل، يجسِّد التزامنا بتمكين المواطن، وتعزيز دوره المحوري في تحقيق التنمية الاقتصادية، ويترجم رؤيتنا لمستقبل واعد لاقتصاد خليجي مشترك، يرتكز على الفرص، والاستقرار، والنمو المستدام». من جانبه، أكد البديوي حرص القادة المؤسسين والحاليين على ترسيخ أسس التكامل الاقتصادي بين دول المجلس، بما يضمن تحقيق التنمية الشاملة والازدهار الدائم لشعوبهم. وأضاف البديوي، في كلمته خلال حفل تدشين الحملة الإعلامية للسوق الخليجية المشتركة في الكويت تحت عنوان «كل الخليج وطن»، أن الحملة تهدف إلى تسليط الضوء على مكتسبات المواطنة الخليجية، وتعزيز الشعور بالانتماء المشترك. وأوضح أن هذه الحملة تفتح آفاقاً أوسع للمزيد من التعاون والتكامل، إذ تُسهم بشكل مباشر في تعزيز رفاهية المواطن الخليجي، وتمكينه من قطف ثمار المواطنة الاقتصادية الموحدة.
جريدة الجريدة