«الوطني»: الأسواق مقتنعة بخفض «الفيدرالي» للفائدة.. الأربعاء المقبل

في ظل تباين المؤشرات الاقتصادية الأميركية وتأثيرها على حركة السوق خلال الأسبوع الماضي

ذكر تقرير صادر عن بنك الكويت الوطني أن مؤشرات اقتصادية أميركية متباينة هيمنت على حركة الأسواق خلال الأسبوع الماضي، في ظل تزايد الرهانات على قرب تحول مسار سياسات مجلس الاحتياطي الفيدرالي، الأمر الذي أدى إلى تقلبات ملحوظة في أسعار العملات وإعادة تسعير الأصول.
وأشار التقرير إلى أن هذا التباين أسهم في زيادة الضبابية بشأن مسار التوظيف قبيل صدور التقرير الرسمي لشهر نوفمبر بعد تأجيل نشره، ودفعت هذه التفاعلات المتعارضة الأسواق الى ترسيخ قناعتها بأن الفيدرالي يتجه نحو خفض أسعار الفائدة خلال اجتماعه الأربعاء المقبل، مع تسعير هذه الإمكانية بنحو 87%، الأمر الذي وضع مزيدا من الضغوط على مؤشر الدولار الأميركي.
وأضاف «الوطني» أن معظم العملات الرئيسية استفادت من ضعف الدولار ومن تباين توجهات البنوك المركزية العالمية، إذ صعد اليورو فوق مستوى 1.165 دولار مدفوعا بتحسن قراءات مؤشرات مديري المشتريات بمنطقة اليورو، وبنهج أكثر ثباتا للبنك المركزي الأوروبي يسمح له بالإبقاء على موقفه دون تغيير في وقت يستعد فيه الاحتياطي الفيدرالي للاتجاه نحو التيسير.
وفي السياق ذاته، ارتفع الجنيه الإسترليني متجاوزا مستوى 1.335 دولار أميركي، مستفيدا من حالة التفاؤل المحيطة بالموازنة البريطانية وترقب الأسواق لقرار السياسة النقدية من بنك إنجلترا، أما الين الياباني فواصل تعزيز مكاسبه متجاوزا مستوى 155 ين مقابل الدولار، بدعم من تنامي التوقعات بقرب شروع بنك اليابان في رفع أسعار الفائدة خلال الشهر الجاري.
وفي أسواق السلع، ذكر تقرير البنك الوطني أن أسعار الذهب واصلت صعودها لتقترب من مستوى 4.220 دولارا للأونصة، مستمدة الزخم من ضعف بيانات سوق العمل وترسخ توقعات خفض سعر الفائدة الأميركية خللا الأسبوع الحالي.
وفي المقابل، استقرت العقود الآجلة لمزيج خام برنت بالقرب من 63.3 دولارا للبرميل عند أعلى مستوياتها في أسبوعين، بدعم من تصاعد التوترات الجيوسياسية وتنامي الرهانات على تحفيز اقتصادي محتمل مع بدء دورة التيسير النقدي في الولايات المتحدة. وفي أسواق الأسهم، اقتصر الأداء على مكاسب محدودة وسط حالة من الحذر والترقب.
وعلى المستوى العالمي، شهد الاقتصاد الأسترالي تباطؤا يفوق التوقعات في الربع الثالث من العام نتيجة انكماش إنفاق المستهلكين، فيما تراجع نشاط قطاع الخدمات في الصين إلى أدنى وتيرة توسع يسجلها في خمسة أشهر، تزامنا مع انخفاض مقلق في مستويات ثقة الأعمال.
وعلى نحو أشمل، تجد الأسواق نفسها أمام مزيج متباين من المؤشرات يظهر هشاشة كامنة في البيئة الاقتصادية على الرغم من بقاء بعض بؤر القوة. وهذه الصورة المركبة تدفع نحو تحول واضح في توجهات السياسة النقدية الأميركية، وتعيد في المقابل صياغة مسارات تدفقات رؤوس الأموال على المستوى العالمي.
ولفت بنك الكويت الوطني إلى أن القطاع الخاص الأميركي سجل تراجعا حادا في التوظيف خلال شهر نوفمبر 2025، مع انخفاض عدد الوظائف بنحو 32 ألف وظيفة، في انعكاس قوي مقارنة بالزيادة المعدلة صعودا في أكتوبر والبالغة 47 ألف وظيفة، وجاءت القراءة دون توقعات السوق التي رجحت إضافة 10 آلاف وظيفة.
ويعد هذا الانخفاض الأكبر الذي يتم تسجيله منذ مارس 2023، مدفوعا بالهبوط الحاد الذي شهده التوظيف لدى الشركات الصغيرة والذي بلغ 120 ألف وظيفة، في حين أضافت الشركات المتوسطة 51 ألف وظيفة والكبيرة 39 ألف.
كما أظهرت بيانات الأجور مؤشرات واضحة على تباطؤ نموها، إذ ارتفعت أجور الموظفين المستمرين في وظائفهم بنسبة 4.4% على أساس سنوي (مقابل 4.5%)، بينما تباطأ نمو أجور من انتقلوا إلى وظائف جديدة إلى 6.3% (مقابل 6.7%). وتؤكد هذه التطورات مجتمعة تباطؤ زخم سوق العمل الأميركي في هذه المرحلة.
وذكر التقرير أن عدد الأميركيين المتقدمين بطلبات جديدة للحصول على إعانات البطالة الحكومية انخفض إلى 191 ألف طلب خلال الأسبوع المنتهي في 29 نوفمبر، بتراجع قدره 27 ألف طلب، مسجلا أدنى مستوياته منذ سبتمبر 2022، وبفارق كبير عن توقعات الاقتصاديين، وفقا لاستطلاع وكالة رويترز، التي أشارت إلى 220 ألف طلب.
ويعد هذا الرقم من أدنى المعدلات تاريخيا، وعلى الرغم من الأخذ في الاعتبار التقلبات الموسمية المرتبطة بعطلة عيد الشكر التي شملتها بيانات الأسبوع، فإن هذه القراءة قد تخفف المخاوف من حدوث ضعف حاد في سوق العمل، بعد التراجع الواضح في وظائف القطاع الخاص الواردة في تقرير مؤسسة ADP الصادر يوم الأربعاء.
وفي الصين، ذكر تقرير البنك الوطني أن مسحا خاصا أجرته مؤسسة «RatingDog» كشف عن تراجع مؤشر مديري المشتريات لقطاع الخدمات في الصين إلى 52.1 في نوفمبر مقابل 52.6 في أكتوبر، مسجلا أضعف وتيرة توسع منذ يونيو، لكنه ظل أعلى قليلا من توقعات السوق
ويعود هذا التباطؤ إلى ضعف نمو الأعمال الجديدة، على الرغم من عودة طلبات التصدير الجديدة إلى منطقة التوسع في ظل التحسن النسبي للمعنويات المتعلقة بالتجارة بين الولايات المتحدة والصين. واستمر تراجع التوظيف نتيجة عدم تعويض الموظفين الذين انتهت خدمتهم وعمليات التسريح لتقليص التكاليف، ما أدى إلى زيادة الأعمال المتراكمة.
وظلت تكاليف المدخلات مرتفعة، مدفوعة بارتفاع أسعار المواد الخام واللوازم المكتبية والوقود، وإن شهدت وتيرة التضخم تباطؤا هامشيا، ما دفع الشركات إلى رفع أسعار البيع بشكل محدود للغاية. وعلى صعيد التوقعات المستقبلية، شهدت الثقة بأنشطة الأعمال تراجعا حادا، لتنخفض إلى واحدة من أدنى قراءاتها المسجلة.

جريدة الانباء