الوطني : القطاع الاستثماري يتصدر مشهد التعافي العقاري

«انتعاش واسع النطاق خلال الربع الثاني في ظل تلاشي التأثيرات الموسمية الضاغطة»

شهد النشاط العقاري انتعاشاً واسع النطاق خلال الربع الثاني من العام، في ظل تلاشي التأثيرات الموسمية التي ضغطت على السوق في الربع السابق، وكذلك بفضل تحسُّن المعنويات نتيجة الإصلاحات التنظيمية المرتقبة. وحسب تقرير صادر عن بنك الكويت الوطني، قاد هذا الزخم القطاع الاستثماري، إذ سجل مبيعات تعتبر الأعلى منذ 11 عاماً، في حين واصل القطاع السكني أداءه المتواضع، متأثراً باستمرار تحدي القدرة على تحمّل التكاليف وشُحّ المعروض من الوحدات السكنية الجديدة. ومع ذلك، يبدو أن الانخفاض الذي استمر سنوات عدة في أسعار القطاع السكني بدأ بالاستقرار، إذ باتت الأسعار مستقرة تقريباً على أساس سنوي. وبالنظر إلى الفترة المقبلة، فإنه على الرغم من الهدوء الموسمي المتوقع خلال الربع الثالث، فإن المؤشرات تتجه نحو تحسّن معنويات المطورين العقاريين بدعم من إقرار التعديلات على قانون التطوير العقاري وتحديث اشتراطات السكن الاستثماري في لائحة البناء الجديدة، في حين يتوقع أن يسهم إقرار قانون التمويل العقاري في تعزيز إمكانية الحصول على تمويل سكني. وتعزز هذه التطورات، إلى جانب النمو القوي الذي يشهده القطاع غير النفطي وإمكانية خفض أسعار الفائدة، من فرص استمرار انتعاش السوق العقارية خلال الفترة المقبلة. مبيعات القطاع الاستثماري شهدت المبيعات العقارية نمواً ملحوظاً خلال الربع الثاني من العام، وبقيمة إجمالية نحو 1.0 مليار دينار، لتسجل زيادة بلغت 15.5 بالمئة مقارنة بالمتوسط الربعي المسجل في عام 2024. وجاء هذا الارتفاع عقب انكماش موسمي شهده السوق في الربع الأول من العام الحالي، ويعزى ذلك بصفة رئيسية إلى الأداء القوي لقطاع العقار الاستثماري (الشقق والبنايات)، فيما كانت مساهمة القطاعين السكني والتجاري أكثر تواضعاً. ويعزى الأداء القوي للقطاع الاستثماري إلى عدة عوامل، من أبرزها النمو القوي الذي شهده الائتمان الموجه لهذا القطاع، وارتفاع الطلب في المناطق الحضرية الداخلية، إلى جانب التعديلات الأخيرة التي تم استحداثها على لوائح السكن الاستثماري، التي تهدف إلى تعزيز نموذج التنمية الحضرية في الكويت. وتحسّنت مبيعات الوحدات السكنية بشكل ملحوظ خلال الربع الثاني من عام 2025، بعد الانكماش الحاد الذي سجّلته في الربع السابق، إذ ارتفع عدد الصفقات إلى أعلى المستويات المسجلة منذ الربع الثاني من عام 2022. وعلى الرغم من هذا الانتعاش خلال الربع الثاني، إلى جانب تحسُّن الاتجاهات بوتيرة معتدلة خلال هذه الفترة، فإن مبيعات القطاع السكني في النصف الأول من العام بقيت دون المستويات المسجلة خلال الفترة المماثلة من عامي 2021 و2022. وقد يكون هذا الارتفاع مدفوعاً بتلاشي العوامل الموسمية التي أثرت سلباً على أداء السوق في الربع الأول من العام الحالي، وهو الأمر الذي قد يتبدد في الربع الثالث. كما يواجه القطاع مجموعة من الرياح المعاكسة، أبرزها الأثر المحتمل لدخول قانون مكافحة احتكار الأراضي الفضاء حيز التنفيذ (بدءاً من يناير 2026، والذي قد يعزز عدد الصفقات على المدى القريب، لكنه قد يضغط على الأسعار مستقبلاً). وتشمل التحديات الأخرى إمكانية تعديل رسوم المرافق العامة والضغوط المتعلقة بعدم القدرة على تحمّل التكاليف. في المقابل، يتوقع أن يسهم إقرار قانون التمويل العقاري خلال الأشهر المقبلة في تعزيز قدرة الأفراد على الحصول على التمويل، مما قد يدفع الطلب على القطاع السكني للانتعاش على المدى المتوسط. من جهة أخرى، بلغت قيمة مبيعات القطاع الاستثماري نحو 483 مليون دينار في الربع الثاني من العام، مواصلة بذلك الاتجاه الإيجابي الذي شهدته أخيراً، في ظل تحسّن نمو الائتمان المقدم لهذا القطاع. وارتفعت مبيعات العقارات الاستثمارية بنسبة 82 بالمئة خلال النصف الأول من العام الحالي، فيما يُعزى بصفة رئيسية إلى تزايد الطلب في المناطق الحضرية الداخلية (كمدينة الكويت ومحافظة حولي). وربما تلقت المعنويات تجاه هذا القطاع أيضاً دفعة قوية جراء التعديلات الأخيرة التي طرأت على اشتراطات السكن الاستثماري في لائحة البناء الجديدة، والتي تهدف إلى تحديث إطار التخطيط الحضري وتحفيز المطورين العقاريين. وتشمل التغييرات السماح بإقامة السكن الاستثماري المختلط داخل مدينة، الكويت وإدخال الاستديو ضمن فئة الشقق الاستثمارية، وتنظيم استغلال السراديب في المباني الاستثمارية، وإضافة أنشطة جديدة بالاستعمالات التجارية في مناطق السكن الاستثماري كالجمعيات الخيرية والمكتبات، وزيادة بنسبة 50 بالمئة في نسب البناء للعقارات المخصصة للرعاية السكنية. أما على صعيد العقارات التجارية، فقد استقرت المبيعات خلال الربع الثاني من عام 2025 عند 104 ملايين دينار، دون تغيير يُذكر على أساس ربع سنوي، لكنها تراجعت بشكل حاد بنسبة 65 بالمئة على أساس سنوي، نتيجة للصفقات عالية القيمة التي أبرمت في الفترة المماثلة من عام 2024. ويعكس الأداء الضعيف لهذا القطاع استمرار معنويات الحذر، إلى جانب توجّه رؤوس الأموال نحو فئات عقارية أكثر سيولة أو أعلى عائداً.
جريدة الجريدة