«الوطني»: توقعات بخفض الفائدة الأميركية 3 مرات قبل نهاية 2025
أعضاء البنك يتوقعون تأثيرات سلبية للسياسات التجارية الأميركية.. ما سيؤدي لارتفاع التضخم
استعرض تقرير صادر عن بنك الكويت الوطني التقلبات الحادة التي شهدتها الأسواق المالية بالأسبوع الماضي على خلفية تصاعد التوترات التجارية بين أميركا والصين، الأمر الذي أسفر عن تحركات حادة في أسعار العملات والأسهم والسلع، لينخفض الدولار الأميركي بشكل ملحوظ، إذ تراجع مؤشر الدولار إلى ما دون مستوى 100، لأول مرة منذ يوليو 2023.
وفي المقابل، اتجه المستثمرون نحو عملات الملاذ الآمن مثل الفرنك السويسري والين الياباني، والتي سجلت مكاسب ملحوظة، أما أسواق الأسهم الأميركية فقد شهدت تقلبات حادة، إذ ساهم التفاؤل الأولي الذي أعقب إعلان الرئيس ترامب تعليق التعريفات الجمركية لمدة 90 يوما في دفع مؤشري ستاندرد آند بورز 500 وناسداك إلى مستويات تاريخية.
وفي الوقت ذاته ، سجلت أسعار الذهب ارتفاعا ملحوظا، متجاوزة 3200 دولار للأونصة، محققة بذلك أرقاما قياسية جديدة، وكان لهذا الارتفاع دور كبير في زيادة الطلب على الذهب كملاذ آمن، في ظل ضعف الدولار وتزايد المخاوف من حدوث ركود اقتصادي.
وفي سياق متصل، قال تقرير «الوطني» إن محضر اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة في مارس الماضي، كشف عن أن أعضاء الاحتياطي الفيدرالي يتوقعون تأثيرات سلبية من السياسات التجارية الأميركية، مما سيؤدي إلى ارتفاع معدلات التضخم هذا العام.
وأعرب الأعضاء عن قلقهم من أن استمرار التضخم، إلى جانب تراجع آفاق النمو وسوق العمل، قد يعقد اتخاذ قرارات السياسة النقدية في المستقبل. وفي ضوء حالة عدم اليقين الاقتصادي الراهنة، اتفق الأعضاء على أن إبقاء أسعار الفائدة دون تغيير يعد الخيار الأنسب في الوقت الحالي.
كما قرر «الفيدرالي» إبطاء وتيرة التشديد الكمي بشكل ملحوظ، وذلك على الرغم من ابداء بعض الأعضاء شكوكهم حيال فاعلية هذه الخطوة، وفي الوقت ذاته تقوم الأسواق بتسعير خفض سعر الفائدة بنحو 3 مرات، بإجمالي 81 نقطة أساس، قبل نهاية العام الحالي.
وأشار تقرير «الوطني» إلى أن التضخم في الولايات المتحدة شهد تراجعا ملحوظا في مارس، إذ انخفض مؤشر أسعار المستهلكين السنوي إلى 2.4%، مقابل 2.8% في فبراير، في حين انخفضت الأسعار على أساس شهري لأول مرة منذ مايو 2020.
وبالإضافة إلى ذلك، تباطأ معدل التضخم الأساسي إلى 2.8%، مسجلا بذلك أدنى مستوياته منذ نحو أربعة أعوام. وفي الوقت الذي يعد فيه هذا التراجع تطورا إيجابيا للاحتياطي الفيدرالي، يحذر الاقتصاديون من أن التعريفات الجمركية التي فرضها الرئيس ترامب قد تؤدي إلى عكس هذا الاتجاه، مما يضغط على الأسعار للارتفاع مجددا.
الحرب التجارية
من جانب آخر، ذكر تقرير البنك الوطني، أن الرئيس ترامب قام يوم الأربعاء الماضي بتخفيف موقفه بشأن التعريفات التجارية، معلنا تعليق معظم الرسوم الجديدة لمدة 90 يوما، باستثناء تلك التي تستهدف الصين.
وأسفرت هذه الأخبار عن تسجيل أسواق الأسهم الأميركية لمكاسب قياسية، إذ ارتفع مؤشر ناسداك بنسبة 12%، مسجلا بذلك أفضل أداء له منذ 24 عاما، في حين قفز مؤشر ستاندرد أند بورز 500 بنسبة 9.5%، في أكبر ارتفاع له منذ العام 2008.
كما ارتفع مؤشر داو جونز الصناعي بنسبة 7.9%، مسجلا أكبر زيادة له منذ العام 2020، ووصلت مكاسبه إلى مستوى تاريخي بلغ 2.963 نقطة. إلا أن الصين صعدت نزاعها التجاري مع الولايات المتحدة يوم الجمعة وقامت بزيادة الرسوم الجمركية على السلع الأميركية من 84% إلى 125%، ردا على زيادات متبادلة في الرسوم الجمركية من قبل الرئيس ترامب.
وانتقدت وزارة المالية الصينية المزيد من الزيادات الجمركية الأميركية، معتبرة إياها غير منطقية اقتصاديا، ومحذرة من أنها ستؤدي إلى تقليص الطلب على الواردات الأميركية في الصين. وعلى الرغم من تصاعد التوترات، مع وصول معدل التعريفة الجمركية الأميركية الآن إلى 145%، إلا أن الصين أعلنت أنها ستتجاهل أي زيادات أخرى، مع تأكيد استعدادها لإجراء مفاوضات بشرط أن تكون الشروط عادلة.
الاقتصاد البريطاني
وفي المملكة المتحدة، أشار تقرير «الوطني» إلى أن الاقتصاد نما بنسبة 0.5% في فبراير، متجاوزا التوقعات بشكل كبير، مدفوعا بانتعاش قوي في قطاع الخدمات، إلى جانب المكاسب الملحوظة التي سجلها كلا من الإنتاج والإنشاءات. إذ سجل قطاع الخدمات زيادة بنسبة 0.3%، في حين ارتفع الإنتاج بنسبة 1.5%، والإنشاءات بنسبة 0.4%
ويشكل هذا الاتجاه انعطافه واضحة بعد حالة الجمود التي اصابت الاقتصاد في يناير. وعقب صدور هذه البيانات الإيجابية، ارتفع الجنيه الإسترليني بنسبة 0.6% مقابل الدولار. إلا أنه على الرغم من هذه المفاجأة السارة، إلا أن الاقتصاد ما يزال يواجه تحديات بصفة عامة، خاصة مع التهديدات التي تطرأ من التعريفات الأميركية الجديدة التي من المقرر أن تفرض 10% إضافية على صادرات المملكة المتحدة، مما يشكل مخاطر جديدة بالنظر إلى أن الولايات المتحدة تظل الشريك التجاري الأكبر لبريطانيا.
الصين في مواجهة انكماش اقتصادي
فيما أظهرت بيانات التضخم في الصين لشهر مارس ضعفا أكبر من المتوقع، مما يبرز الضغوط الاقتصادية المتزايدة نتيجة للصراع التجاري المتصاعد مع الولايات المتحدة. إذ انخفضت أسعار المستهلكين بنسبة 0.1% على أساس سنوي و0.4% على أساس شهري، وهو ما فاق التوقعات.
ويعكس هذا الانخفاض تراجع الإنفاق المحلي في ظل الارتفاع المستمر للتعريفات الأميركية التي فرضها الرئيس ترامب في أوائل مارس. من جانب آخر، استمرت أسعار المنتجين في الانخفاض للشهر الثلاثين على التوالي، إذ تراجعت بنسبة 2.5% على أساس سنوي، أي بمعدل أعمق من الانخفاض المتوقع البالغ 2.3%، مما يعكس استمرار ضعف الطلب والتأثيرات السلبية للتوترات التجارية على القطاعات الصينية الموجهة نحو التصدير.
جريدة الانباء