«الوطني»: «الفيدرالي» يتبنى نهج «الانتظار والترقّب».. لمواجهة ضبابية التوترات التجارية

البنك يرى أن الرسوم المرتفعة قد تزيد من احتمالات الدخول بركود تضخمي

ذكر تقرير صادر عن بنك الكويت الوطني أن قطاع الخدمات الأميركي سجل نموا ملحوظا خلال أبريل، مع ارتفاع مؤشر مديري المشتريات الصادر عن معهد إدارة التوريدات (ISM) إلى 51.6، بدعم من زيادة الطلبات الجديدة والمخزونات، رغم تراجع معدلات التوظيف، ووصلت ضغوط الأسعار المرتبطة بالرسوم الجمركية الى أعلى مستوياتها المسجلة في 27 شهرا.
وأشار التقرير إلى أن الاحتياطي الفيدرالي الأميركي أبقى على أسعار الفائدة ثابتا دون تغيير ضمن نطاق 4.25% - 4.50%، مشيرا إلى تصاعد حالة عدم اليقين التجاري. واعتبر أن الرسوم الجمركية المرتفعة قد تزيد من احتمالات الدخول في ركود تضخمي، في حين تراجعت طلبات الحصول على إعانات البطالة إلى 228 ألف طلب.
وعلى الصعيد الدولي، ذكر «الوطني» أن الولايات المتحدة والمملكة المتحدة توصلتا إلى اتفاقية تجارية أولية تتضمن تخفيض الرسوم الجمركية على قطاعي السيارات والزراعة، في خطوة وصفت بأنها بداية لخفض حذر لتصعيد التوترات التجارية، على الرغم من استمرار الرسوم المفروضة على الصين.
أما في المملكة المتحدة، قرر بنك إنجلترا خفض سعر الفائدة إلى 4.25% في إطار استجابته لمعالجة تباطؤ النمو الاقتصادي، فيما أظهر مؤشر مديري المشتريات لقطاع الخدمات في الصين ارتفاعا هامشيا إلى 50.7 وسط تراجع الصادرات وارتفاع التكاليف.
وعلى الصعيد العالمي، تتحرك البنوك المركزية بحذر بالغ في ظل استمرار التوترات التجارية التي تؤدي إلى تعزيز مخاطر التضخم من جهة، وإضعاف زخم النمو من جهة أخرى، مما يترك الأسواق في حالة توازن دقيق بين تفاؤل هش وتهديدات ركود تضخمي تلوح في الأفق.
مؤشر مديري المشتريات الأميركي
وفي الولايات المتحدة، ذكر التقرير أن مؤشر مديري المشتريات لقطاع الخدمات الصادر عن معهد إدارة التوريدات (ISM) في الولايات المتحدة ارتفع إلى 51.6 في أبريل 2025، مقابل 50.8 في مارس، متجاوزا التوقعات التي أشارت إلى تسجيله 50.2، مما يدل على توسع قطاع الخدمات بوتيرة أقوى من التوقعات.
وجاء هذا الأداء مدفوعا بتسارع وتيرة الطلبات الجديدة وتراكم المخزونات، بينما نجحت أنشطة الأعمال في الحفاظ على معدلات نمو إيجابية على الرغم من تباطؤها بوتيرة هامشية. واستمر تراجع الوظائف، وإن كان بوتيرة أقل، مع استمرار ارتفاع أوقات تسليم الموردين للطلبات.
وفي المقابل، قفزت ضغوط الأسعار إلى أعلى مستوياتها المسجلة منذ فبراير 2023. وأكد ستيف ميلر رئيس لجنة مسح أعمال الخدمات بمعهد إدارة التوريدات، على استمرار تأثير التوترات التجارية، مع تصاعد المخاوف المرتبطة بالرسوم الجمركية واستمرار خفض الميزانية الفيدرالية، إلا أن الأوضاع العامة بدأت تتحسن.
أسعار الفائدة على الأموال الفيدرالية
في اجتماعه الأخير للسياسة النقدية، قرر مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي الإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير ضمن النطاق المستهدف بين 4.25% و4.50%، مؤكدا التزامه بنهج «الانتظار والترقب» في ظل استمرار الضبابية التي تفرضها التوترات التجارية على المشهد الاقتصادي.
وأشار جيروم باول رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي إلى أن الاقتصاد وسوق العمل ما يزالان في وضع قوي بصفة عامة، إلا أن البنك المركزي يفضل التريث قبل إجراء أي تعديلات على أسعار الفائدة، في انتظار المزيد من الوضوح بشأن تداعيات السياسات التجارية الأخيرة، خاصة فيما يتعلق بالرسوم الجمركية.
ويأتي هذا القرار في وقت شهدت فيه الواردات الأميركية ارتفاعا ملحوظا، مع تسارع الشركات في تأمين السلع قبل دخول التعريفات الجديدة حيز التنفيذ. وقد يكون لهذا الأمر تأثير غير دقيق على بيانات الناتج المحلي الإجمالي للربع الأول من العام، مما يعني أن الأرقام قد لا تعكس الواقع الاقتصادي بصورة دقيقة.
واعتبر باول أن الإجراءات التجارية التصعيدية التي تتبناها إدارة الرئيس ترامب تمثل مصدرا رئيسيا لعدم اليقين الاقتصادي، محذرا من أن زيادة الرسوم الجمركية قد ترفع معدلات التضخم في الوقت الذي يتباطأ فيه النمو، وهو سيناريو غير مرغوب قد يعقد من قدرة البنك المركزي على تحقيق تفويضه المزدوج المتمثل في استقرار الأسعار ودعم التوظيف.
من جهة أخرى، شدد الرئيس ترامب على أنه لن يتم تخفيض الرسوم الجمركية المفروضة على الصين كشرط مسبق للدخول في مفاوضات جديدة، واستجابت الأسواق بشكل إيجابي لهذه التصريحات، إذ أنهت مؤشرات داو جونز وستاندرد أند بورز 500 وناسداك جلسة تداول يوم الأربعاء على مكاسب قوية.
بيان الرئيس ترامب
من جانب آخر، أشار تقرير البنك الوطني إلى أن الرئيس دونالد ترامب أعلن عن التوصل إلى إطار اتفاقية تجارية مع المملكة المتحدة، ينظر إليه على نطاق واسع كنموذج مبدئي محتمل لتخفيف الرسوم الجمركية الأميركية مستقبلا.
وعلى الرغم من أن تفاصيل الاتفاق ما تزال قيد الإعداد فإن بنوده الأولية تشمل تخفيض الرسوم الجمركية على السيارات والمنتجات الزراعية البريطانية، وفرض رسوم مشتركة على واردات الصلب والألمنيوم، هذا إلى جانب الإعفاءات التي شملت الأدوية.
وعلى الرغم من وصف الاتفاق بأنه أقرب إلى «رسالة تفاهم» منه إلى اتفاق شامل، فقد قوبل الإعلان بردود فعل إيجابية في الأسواق، على الرغم من أن بعض المسؤولين البريطانيين أعربوا عن مفاجأتهم بالإعلان المبكر.
من جانبهم، أشار محللون إلى الطابع المحدود للاتفاق، متوقعين مكاسب اقتصادية متواضعة فقط للمملكة المتحدة. وأكد ترامب أن هذه الاتفاقية تمثل الأولى من بين عدة صفقات تجارية مقبلة. في ذات الوقت، تواصل الولايات المتحدة جهودها في التفاوض مع الصين مع الترتيب لعقد اجتماعات مرتقبة تهدف إلى تهدئة التوترات التجارية.
غير أن الرئيس ترامب شدد على رفضه خفض الرسوم الجمركية الحالية كشرط مسبق لأي حوار. وينظر إلى هذه التحركات مجتمعة على أنها مؤشرات مبدئية لاحتمال خفض تصعيد السياسات التجارية للإدارة الأميركية، بعد سلسلة من الإجراءات التي أثارت انتقادات عدد من الخبراء الاقتصاديين والمؤسسات الدولية بسبب مخاوف من تأثيرها السلبي على النمو العالمي.

جريدة الانباء