تراجع العملات المشفرة مع تقييم آفاق السياسة النقدية الأميركية
واشنطن تشعل صعود «بتكوين»... وقرار الفائدة الأميركية وعمليات جني الأرباح وراء تقلّبات الأسعار
تراجعت العملات المشفّرة خلال تعاملات اليوم، مع ترقّب المستثمرين خطاب رئيس «الفدرالي» جيروم باول في منتدى «جاكسون هول»، الذي ينعقد بين غد و23 الجاري. وانخفضت «بتكوين» بنسبة 0.8 بالمئة إلى 115429 دولاراً، وفقاً لبيانات «كوين باس»، بعدما وصلت إلى مستوى قياسي عند 124457 دولاراً في الأسبوع الماضي. كما هبطت كل من الإيثريوم 2 بالمئة عند 4276.2 دولاراً، والريبل 1.9 بالمئة إلى 3.0199 دولارات، وكذلك «دوغ كوين» 2.3 بالمئة عند 21.88 سنتاً. وتزامن ذلك مع صعود حجم التداولات بالسوق على مدار الـ 24 ساعة الماضية بنسبة 2 بالمئة إلى 171.45 مليار دولار، وارتفاع القيمة السوقية لمجمل العملات 0.65 بالمئة إلى 3.89 تريليونات دولار، وفق بيانات «كوين ماركت كاب». وتتجه أنظار المستثمرين إلى ندوة «جاكسون هول»، التي تبدأ غداً، لتقييم آفاق السياسة النقدية في الولايات المتحدة، حيث يُتوقع أن تكشف ملامح رؤية أعضاء «الفدرالي» بشأن الاقتصاد الأميركي وسوق العمل. وتعيش العملات الرقمية صيفاً استثنائياً لم تشهده من قبل، فقد اخترقت «بتكوين» حاجز 124 ألف دولار، مسجلة رقماً قياسياً جديداً، وقفزت أسهم الشركات المرتبطة بالعملات المشفّرة بنسب فلكية، فيما تتحرك «وول ستريت» بسرعة لتغيير موقفها من هذا القطاع الذي كان يُعتبر هامشياً قبل سنوات قليلة فقط، وفقاً لـ «CNN». وجاء التحوّل الجذري بدعم مباشر من البيت الأبيض، حيث وقّع الرئيس دونالد ترامب أخيراً أمراً تنفيذياً سمح بإدراج الأصول الرقمية ضمن خطط التقاعد 401 (k)، وهو ما عزز ثقة المستثمرين الكبار والصغار. كما أقر «الكونغرس» قانون جينياس (GENIUS) في يوليو، الذي وضع إطاراً جديداً للتعامل مع العملات المستقرة، فاتحاً الباب أمام دخول البنوك الكبرى مثل جي بي مورغان إلى السوق. وتظهرالأرقام الحقيقة بوضوح، إذ ارتفع سهم روبن هود 200 بالمئة منذ بداية العام، بينما قفز سهم «بيت ماين إميرجن تكنولوجيز» 625 بالمئة. وارتفع صندوق «بلاك روك» المتداول في البورصة والمخصص لـ «بتكوين»، الذي أطلق مطلع 2024، إلى 137 بالمئة خلال أشهر قليلة، متفوقاً على مكاسب مؤشر إس آند بي 500، البالغة 37 بالمئة في الفترة نفسها. ولا يقتصر هذا الاندفاع على الأفراد فقط، بل شمل أيضاً شركات كبرى مثل غوغل التي دخلت في شراكة بمليارات الدولارات مع شركة لتعدين «بتكوين»، ويرى الخبراء أن ما يحدث ليس موجة مؤقتة، بل بداية دورة أوسع من التبني المؤسسي للعملات المشفّرة. ومع ذلك، فإن هذه الطفرة لا تخلو من المخاطر، فقد حذّرت منظمات معنية بحماية المستهلكين من أن التشريعات الجديدة قد تفتح الباب لمزيد من المضاربات من دون توفير حماية كافية للمستثمرين. لكن إدارة ترامب تراهن على جعل الولايات المتحدة «قوة بتكوين العظمى في العالم»، كما قال وزير الخزانة سكوت بيسنت. وقال خبير العملات المشفرة والأصول الرقمية، راشد الخزاعي، إن الانخفاض الأخير في صناديق المؤشرات المتداولة (ETFs) المرتبطة بـ «بتكوين» والإيثر جاء نتيجة طبيعية لعمليات جني أرباح بعد تسجيل مستويات قياسية جديدة. وأضاف في مقابلة مع «العربية Business»: «عندما سجل بتكوين مستوى قياسياً عند 124 ألف دولار، كان من المتوقع أن نشهد عمليات بيع سريعة، خصوصاً عبر صناديق المؤشرات المتداولة، التي تُعد البوابة الرئيسية للمستثمرين المؤسسيين الأميركيين». وأشار الخزاعي إلى أن اجتماع «جاكسون هول» هذا الأسبوع يمثّل نقطة محورية بالنسبة لأسواق العملات المشفرة، نظراً لما قد يصدر عنه من إشارات تتعلق بالسياسة النقدية الأميركية. وقال: «قرارات الفائدة الأميركية لها تأثير مباشر وكبير على بتكوين، بوصفه أصلاً استثمارياً يتأثر بتدفقات السيولة. ورغم أن الأسواق كانت تتوقع 3 تخفيضات للفائدة، فإن التقديرات الحالية تميل إلى احتمال خفضين فقط، وربما يتم تأجيل أي خفض حتى ما بعد سبتمبر». ولفت الخزاعي إلى أن «بتكوين» حالياً يتحرك في نطاق عرضي أشبه بـ «الزنبرك المضغوط»، مع تراجع عمليات التحويل من المعدّنين إلى منصات التداول، وانخفاض السيولة في البورصات التقليدية للعملات المشفرة، مقابل استمرار تدفقات من المستثمرين الأفراد الذين يستفيدون من الأسعار الحالية للشراء. وأضاف: «إذا بدأ مسار خفض الفائدة، فذلك سيعزز السيولة في السوق ويشكل دعماً إضافياً لارتفاع بتكوين والأصول الرقمية الأخرى». وفيما يتعلق بتوجه شركة مايكروستراتيجي لشراء نحو 430 «بتكوين» بقيمة 58 مليون دولار، بسعر يناهز 119.600 دولارا للوحدة، أوضح الخزاعي أن هذه الخطوة تأتي ضمن استراتيجية واضحة للشركة. وقال: «مايكروستراتيجي تعتمد نهج الشراء الدوري (Dollar Cost Averaging)، حيث تقوم بالشراء بشكل منتظم بغضّ النظر عن السعر، وهو ما يوفر للسوق تدفقات ثابتة ومستقرة »
جريدة الجريدة